الحرمان
عاصفة من الأفكار المبهمة تجتاح رأسي ، فمنذ أن اخترقت الآلة اللعينة باطن يدي اليمنى ، وأنا لم أهدأ والأرق يعصرني .
رغبة جامحة بالهرب تداهمني ، ولكن إلى أين ؟ لقد أصابني الإعياء فلم أعد أقوى على فعل شيء ، حتى ممارسة عاداتي الفطرية .
تم فصلي من العمل وحصلت على مكافأتي كاملة . مائة وثمانون ديناراً . كنت أحمل مبلغاً كبيراً كهذا لأول مرة .
تسعة شهور مضت . حاولت الاستمرار . طارت زوجتي بعيداً . بحثت عن سبب واحد يبرر فعلتها الشنعاء بلا جدوى .
كم كرهتها ! رحلت وخلفت وراءها رجلاً تعيساً وطفلتين ذابلتين . ما أقساها من حياة ! وما أسخف السبب الذي يجعل أما تترك أطفالها وترحل نحو المجهول .
قضيت أيامي باحثاً عن عمل في كل مكان ، وكالعادة خرجت اليوم ، وسرت طويلاً ، حتى لم تعد قدماي قادرتين على حملي ، فارتميت على أحد المقاعد محطماً ، كخرقة بالية عديمة النفع . أخذت أحملق في المارة وأغبطهم على حياتهم ، حتى تقدمت مني سيدة جميلة كحبة عناب ترتدي ثوباً أحمر بلون وجنتيها وابتسامة ساحرة على محياها . خواطر جمة اكتسحت فكري وأخذت تتسكع فيه ، هل أشتهي تلك السيدة ؟ هل ستدعوني إلى منزلها ؟
أخذت نشوة عارمة تأخذني إلى عوالم زاهية بألوان شتى ، دنت مني أكثر ، ألقت بيدي المصابة ببعض النقود ورحلت .انهارت أحلامي وانتحرت على شفتي ليحتل الحزن مكانه الأبدي .
أخذت أحلق بكل شيء حولي حتى وقعت عيناي على أحد محلات الصاغة وصدرت عني آهة لا إرادية ، قلت لنفسي : الليلة سأجلب لأشبالي كل ما يشتهون ، ولن أجعلهم يحتاجون شيئاً بعد اليوم .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,*